شاءت إرادة الله أن يلتقى صوت أم كلثوم مع كلمات أحمد رامى فكانت النتيجة استمتاع ملايين العرب بالأداء الرائع والكلمات العذاب والمعانى الجادة التى أضاف إليها عمالقة الملحنين.
كانت بداية أم كلثوم مع أستاذها الملحن والمغنى الشيخ أبو العلا، وكان أول ما تغنت به من ألحانه
الصب تفضحه عيونه
وتنم من وجد شئونه
إنا تكتمنا الهوى
والداء أقتله دفينه
وهى أبيات من ديوان أحمد رامى، الذى أهداه للشيخ ابو العلا قبل سفره إلى باريس فى مطلع عشرينيات القرن الماضى، وفى هذا يقول رامى: نما إلى علمى وأنا ادرس اللغة الفارسية فى فرنسا أنه ظهر فى سماء مصر كوكب جديد من كواكب الفن التقيتها فيما بعد فى حديقة الازبكية، وبدات تنشد فإذا صوت ساحر، وإذا خفة ظل وبشاشة وجه، وإذا طرب ينساب ويحمل النفوس إلى أجواء ساحرة.. ومنذ تلك اللحظة شغف غناء أم كلثوم وأداؤها المبهر أحمد رامى حبا فأنشد فيها عام ١٩٢٤:
صوتك هاج الشجو فى سمعى
وأرسل المكنون من أدمعى
سمعته فانساب فى خاطري
للشعر عينا ثرة النبع
وفى عام ١٩٣٢ أهداها قصيدة مطلعها:
كرمت دوحة رعت أم كلثوم
وجادت بظلها الفينان
فهى قمرية تغنت على الفرع
ولما تهم بالطيران
ورثاها رامى عام ١٩٧٥ بأبيات تقطر حبا وحزنا :
ما جال فى خاطري أنى سأرثيها
بعد الذى صغت من اشجى اغانيها
قد كنت اسمعها تشدو فتطربنى
واليوم أسمعنى ابكى وأبكيها
صحبتها من ضحى عمرى وعشت لها
أوفى شهد المعانى ثم أهديها
بالفعل عاش احمد رامى محبا وعاشقا ومتيما بثومة الفنانة التى قل أن يجود الزمان بمثلها، ويكفى أن نعرف أن ٤٦.١٣% من اغنيات أم كلثوم صاغها أحمد رامى، مقابل ١١.٧٦ من نظم محمود بيرم التونسى ، وغنت ٣.٤% من اغانيها من نظم أمير الشعراء أحمد شوقى، ونفس النسبة أى ٣.٤% من نظم عبدالفتاح مصطفى، و٣.١% من كلمات عبدالوهاب محمد، وفاز طاهر أبو فاشا ب ٢.٧٨% من أغنيات ثومة، بينما بلغت نسبة بقية من غنت ام كلثوم كلماتهم ٢٩.٤٣% مثل كامل الشناوي وإبراهيم ناجى وصالح جودت ونزار قبانى وصلاح جاهين وغيرهم.
غنت أم كلثوم مئات الاغنيات التى كتبها أحمد رامى والتى تكاد لا تخلو Hى منها من ذكر القلبK وعلى سبيل المثال لا الحصر Hغنية بين النفس والقلب ويقول مطلعها:
أصون كرامتى من قبل حبى
فإن النفس عندى فوق قلبى
وفى رائعته التى يقول مطلعها أغار من نسمة الجنوب/ على محياك يا حبيبى يقول:
أظل أسقيك من غنائي
سلافة الروح والقلوب
وأحمد رامى هو صاحب رائعة افرح ياقلبى التى يقول فى مطلعها:
افرح يا قلبى لك نصيب
تبلغ مناك ويا الحبيب
افرح يا قلبى
يا فرحة القلب الحزين
لو صادف الخل الامين
وفى رائعة ثومة(أقبل الليل) يقول رامى:
أنا قلب خفاق
فى دنيا الاشواق
............
يا بعيد الدار عن عينى ومن قلبى قريبا
كم اناديك باشواقى ولا القى مجيبا
وما تلك الامثلة إلا غرفة من نهر إبداع ثومة ورامى، اللذين شكلا ثنائيا أمتع المستمعين العرب من المحيط الى الخليج بأجمل المعانى وأرقاها، وفى الحلقة القادمة نواصل البحث فى أغنيات وقصائد عمالقة الشعر الذين كتبوا لأم كلثوم بمداد قلوبهم وأرواحهم.
---------------------------
بقلم: عبدالغني عجاج